الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية تحت عنوان "موسم الهجرة الى الكامور": صحفي من الصباح يقدم روايته لما شاهده في منطقة الكامور بتطاوين

نشر في  29 أفريل 2017  (21:51)

تحت عنوان "موسم الهجرة الى الكامور"، قدم الصحفي بجريدة الصباح وجيه الوافي روايته لما شاهده في منطقة الكامور بتطاوين. وقد ارتأينا تقديم مقتطف مطول من المقال الذي صدر يوم السبت 29 أفريل بصحيفة الصباح.

موسم الهجرة الى الكامور.. بقلم وجيه الوافي

"منذ اندلاع شرارة الاحتجاجات في تطاوين قبل شهر من الآن لم يتخيل أكثر المتشائمين أن تصل الأوضاع في هذه الربوع الى ما وصلت اليه اليوم..

"أنت صحافي؟ وين تخدم؟ وعلاش جايين لتطاوين؟ وين كنتو قبل؟ يا اعلام العار، متمثلوناش"... وفي لحظة وجدت نفسي محاطا بمجموعة من النساء والرجال تعالت أسئلتهم عن هويتي طالبين من الاستظهار بما يثبت مهنتي.... أجبت أنا من دار الصباح وجئت لنقل ما يحدث في تطاوين ولسماع المحتجين وتبيان حقيقة ما قيل وما يشاع عن المعتصمين... فجأة جذبني أحدهم خارج الحلقة وقال لي "تحب تفهم آش صاير، امشي للكامور".. اغرتني الكلمة وسألت محدثي عن طريقة الوصول الى هناك، فقال لي الأمر سهل، ادفع 25 دينارا وسأوفر لك سيارة تنقلك الى هناك. قبلت ذلك وانطلقنا نحو الكامور.

... تبعد الكامور 170 كلم عن مركز مدينة تطاوين وهي نقطة تعبر منها الشاحنات والعربات الخارجة من حقول النفط.. في الطريق طلب مني السائق اعلام تنسيقية المعتصمين بأننا ذاهبون  الى هناك. وعلمن بعد ذلك أنه لا يسمح لدخول وسائل الاعلام القادمة من العاصمة الا بإذن مسبق من التنسيقية، اتصلت بطارق حداد أحد قياديي الاعتصام الذي أذن لنا بالدخول الى الكامور.

في المقابل لم نشاهد دوريات الأمن تجوب  الشوارع وبالكاد رأينا سيارة امنية في مفترق خارج المدينة اكتفت بتبادل التحية مع سائقي  العربات المتجهة الى الكامور. عندها أدركت أن الأمور خرجت  عن السيطرة بنسبة كبيرة ولا مجال لإستعراض السلطة لقوتها على المحتجين..

بعد قرية بن مهيرة، تلاعبت الرمال بسيارتنا وكادت ان تقع في اح الاودية لولا الطاف الله.. وصلنا الى الكامور بعد رحلة مثيرة دامت ساعتين.. أخيرا نحن في الكامور..

خيام متناثرة رفعت فوقها الرايات الوطنية، لا وجود لرايات العقاب في المخيم، سيارات رباعية الدفع متمركزة في التلال القريبة تمنع خروج العربات التابعة للشركات النفطية.. نزلنا من السيارة في ساحة المخيم، رمقنا مل من رأنل بنظرات ثاقبة، تظاهرنا بالامبالاة، جاءنا أحد المعتصمين وادخلنا الى خيمة قيادة الاعتصام اين تحدثنا الى عدد من المحتجين الذين توجسوا منا بداية الأمر، لكن سرعان ما جادت قرائحهم بما ضاقت بهم صدورهم وحدثونا عن أسباب الاعتصام وعن الظلم والتهميش والحقرة وعن البترول، عن قرة القدم ةالاتحاد الرياضي بتطاوين، عن الاعلام وعن وصفهم بداعش.. سألني أحدهم "ألستهم خائفين؟" اجبته: "ولماذا الخوف ونحن في تونس".. تبين في ما بعد أن من سألني لم يكن سوى رجل أمن يساند اعتصام الكامور..

واصلنا نقاشنا نع المعتصمين، لم يثقوا بنا، وكانت اجاباتهم متشنجة، حاول البعض اظهار شيء من التناسق لإخفاء الانفلات السائد بين المحتجين. قطع النقاش دخول سعيد الشبلي الى الخيمة، وهو أحد المتهمين سابقا في مقتل منسق نداء تونس في تطاوين، صافح الشبلي الجميع وقال للمعتصمين "أشد على أياديكم"، أوردت فيما بعد بعض وسائل الاعلام أن الشبلي هو من يقود اعتصام الكامور!

خرج الشبلي ودخل أحد قياديي الاعتصام ولام زملاءه على استضافتهم لرجال الامن والاعلاميين في الخيمة، لم نعره اهتماما، خرجنا الى الساحة طلبنا الاذن للتصوير، سمح لنا بذلك وأخذنا طريق العودة الى المدينة..

... هم لا يعترفون بالأحزاب، هم يرفضون المنظمات، هم لا يعنيهم ما يقرره اتحاد الشغل، هم لا تعنيهم اجراءات الحكومة، هم لا يهابون الأمن، هم فقط يريدون 20 بالمائة من عائدات البترول لفائدة تطاوين، هم يريدون تشغيل 70 بالمائة من شباب تطاوين في الشركات النفطية، هم يعترفون بالدولة الى حين، هم سلميون الى أجل مسمى، هم يرفعون العلم التونسي ولا يرفعون راية العقاب، هم تونسيون غاضبون.. الكامور ليست عصابة المافيا الايطالية، الكامور جزء من تونس، تجلى فيه ضعف الدولة وعدم قدرتها على احتواء الأزمات".